فصل: (سورة الزخرف: الآيات 57- 59):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَتِلْكَ الجنة التي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ}.
أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه، حدثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك، حدثنا محمد بن إبراهيم ابن زياد الطيالسي الرازي، حدثنا محمد بن حسان الأزرق، حدثنا ريحان بن سعيد، حدثنا عباد ابن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، إنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا ينزع رجل من أهل الجنّة من ثمرها إلاّ أعيد في مكانها مثلاها».
{إِنَّ المجرمين} المشركين.
{فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ ولكن كَانُواْ هُمُ الظالمين وَنَادَوْاْ يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} ليمتنا ربّك فنستريح، فيجيبهم مالك بعد ألف سنة: {قال إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ} مقيمون في العذاب.
أخبرنا ابن فنجويه الدينوري، حدثنا ابن حبش المقري، حدثنا ابن الفضل، حدثنا جعفر ابن محمد الدنقاي الضبي، حدثنا عاصم بن يوسف اليربوعي، حدثنا قطبة بن عبد العزيز السعدي، عن الأعمش، عن سمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أُم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يلقى على أهل النّار الجوع حتّى يعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع، فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب فيستغيثون بالشراب فيدفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم، فيقولون ادعوا خزنة جهنم، فيقولون ألم تك تأتكم رسلكم بالبينات؟ قالوا: بلى، قالوا: فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال، قال: فيقولون إدعوا مالكًا، فيدعون: يا مالك ليقض علينا ربّك، فيجيبهم إنّكم ماكثون».
قال: فقال الأعمش: أنبئت إنّ بين دعائهم وبين إجابته إياهم ألف عام.
أخبرنا ابن فنجويه، حدثنا هارون بن محمد بن هارون، حدثنا محمد بن عبد العزيز، حدثنا القاسم بن يونس الهلالي، حدثنا قطبة بن عبد العزيز يعني السعدي، عن الأعمش، عن سمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أُم الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربّك} باللام.
{لَقَدْ جِئْنَاكُم بالحق ولكن أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ أَمْ أبرموا} أحكموا.
{أَمْرًا} في المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم: {فَإِنَّا مُبْرِمُونَ} محكمون.
{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بلى} نسمع ونعقل {وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} يعني الحفظة.
{قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} يعني {إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ} في قولكم وبزعمكم، فأنا أولُ الموحدين المؤمنين بالله في تكذيبكم والجاحدين لما قلتم من إنّ له ولدًا. قاله مجاهد.
وقال ابن عباس: يعني ما كان للرّحمن ولد وأنا أول الشاهدين له بذلك والعابدين له، جعل بمعنى النفي والجحد، يعني ما كان وما ينبغي له ولد. ثمّ ابتداء {فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين}، وقال السدي: معناه، قل: {قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ} أول من عبده بأنّ له ولد، ولكن لا ولد له، وقال قوم من أهل المعاني: معناه، قل {قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ} الآنفين من عبادته.
ويحتمل أن يكون معناه ما كان للرحمن ولدٌ. ثم قال: فأنا أول العابدين الآنفين من هذا القول المنكرين إنّ له ولدًا. يقال عبد إذا أنف وغضب عبدًا. قال الشاعر:
ألا هويت أُم الوليد وأصحبت ** لما أبصرت في الرأس مني تعبد

وقال آخر:
متى ما يشاء ذو الود يَصرّم خليله ** ويعبد عليه لا محالة ظالما

أخبرنا عقيل بن محمد أجازة، أخبرنا أبو الفرج، أخبرنا محمد بن جرير، حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، حدثنا ابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، عن ابن قشط، عن نعجة بن بدر الجهني إنّ امرأة منهم دخلت على زوجها وهو رجل منهم أيضًا فولدت في ستة أشهر فذكر ذلك زوجها لعثمان بن عفان رضي الله عنه وأمر بها ترجم، فدخل عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: إنّ الله تعالى يقول في كتابه: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] وقال: (وفصاله في عامين) قال: فوالله ما عبد عثمان رضي الله عنه أن بعث إليها ترد. قال عبد الله بن وهب: ما استنكف ولا أنف.
{سُبْحَانَ رَبِّ السماوات والأرض رَبِّ العرش عَمَّا يَصِفُونَ} يكذبون.
{فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ} في باطلهم.
{وَيَلْعَبُواْ} في دنياهم.
{حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ}.
{وَهُوَ الذي فِي السماء إله وَفِي الأرض إله} يعني يعبد في السّماء ويعبد في الأرض.
{وَهُوَ الحكيم} في تدبير خلقه.
{العليم} بصلاحهم.
{وَتَبَارَكَ الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَلاَ يَمْلِكُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشفاعة إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق}.
اختلف العلماء في معنى هذه الآية. فقال قوم: {مِن} في محل النصب وأراد بـ: {الذين يَدْعُونَ} عيسى وعزير والملائكة، ومعنى الآية: ولا يملك عيسى وعزير والملائكة {الشفاعة إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق} فآمن على علم وبصيرة، وقال آخرون: {مَن} في وضع رفع والّذين يدعون الأوثان والمعبودين من دون الله. يقول: ولا يملك المعبودون من دون الله {الشفاعة إِلاَّ مَن شَهِدَ بالحق} وهم عيسى وعزير والملائكة يشهدون بالحقّ.
{وَهُمْ يَعْلَمُونَ} حقيقة ما شهدوا.
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقولنَّ الله فأنى يُؤْفَكُونَ} عن عبادته.
{وَقِيلِهِ} يعني قول محمد صلى الله عليه وسلم شاكيًا إلى ربّه.
{يارب إِنَّ هؤلاء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ}.
واختلف القراء في قوله:، فقرأ عاصم وحمزة {وَقِيلِهِ} بكسر اللام على معنى {وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة} وعلم قيله، وقرأ الأعرج بالرفع، أي وعنده قيله، وقرأ الباقون بالنصب وله وجهان: أحدهما: إنّا لا نسمع سرهم ونجواهم ونسمع قيله والثاني: وقال: {وَقِيلِهِ}.
{فاصفح عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ} نسختها آية القتال، ثمّ هددهم.
{فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} بالتاء أهل المدينة والشام وحفص، واختاره أيوب وأبو عبيد، الباقون بالياء. اهـ.

.قال الزمخشري:

.[سورة الزخرف: الآيات 57- 59]:

{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57) وَقالوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (58) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (59)}.
لما قرأ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على قريش {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} امتعضوا من ذلك امتعاضا شديدا، فقال عبد اللّه بن الزبعرى: يا محمد، أخاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم؟ فقال عليه السلام: «هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم»، فقال: خصمتك ورب الكعبة، ألست تزعم أنّ عيسى ابن مريم نبىّ وتثني عليه خيرا وعلى أمه، وقد علمت أنّ النصارى يعبدونهما. وعزير يعبد. والملائكة يعبدون، فإن كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم، ففرحوا وضحكوا، وسكت النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل اللّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى} ونزلت هذه الآية. والمعنى: ولما ضرب عبد اللّه بن الزبعرى عيسى ابن مريم مثلا، وجادل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعبادة النصارى إياه {إِذا قَوْمُكَ} قريش من هذا المثل {يَصِدُّونَ} ترتفع لهم جلبة وضجيج فرحا وجزلا وضحكا بما سمعوا منه من إسكات رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بجدله، كما يرتفع لغط القوم ولجبهم إذا تعيوا بحجة ثم فتحت عليهم. وأمّا من قرأ: {يصدّون}- بالضم- فمن الصدود، أى: من أجل هذا المثل يصدّون عن الحق ويعرضون عنه. وقيل: من الصديد وهو الجلبة، وأنهما لغتان نحو: يعكف ويعكف ونظائر لهما {وَقالوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} يعنون أنّ آلهتنا عندك ليست بخير من عيسى، وإذا كان عيسى من حصب النار كان أمر آلهتنا هينا {ما ضَرَبُوهُ} أى ما ضربوا هذا المثل لَكَ {إِلَّا جَدَلًا} إلا لأجل الجدل والغلبة في القول، لا لطلب الميز بين الحق والباطل {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ لدّ} شداد الخصومة دأبهم اللجاج، كقوله تعالى: {قَوْمًا لُدًّا} وذلك أنّ قوله تعالى: {إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} ما أريد به إلا الأصنام، وكذلك قوله عليه السلام: «هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم» إنما قصد به الأصنام، ومحال أن يقصد به الأنبياء والملائكة، إلا أن ابن الزبعرى بخبه وخداعه وخبث دخلته، لما رأى كلام اللّه ورسوله محتملا لفظه وجه العموم، مع علمه بأنّ المراد به أصنامهم لا غير، وجد للحيلة مساغا، فصرف معناه إلى الشمول والإحاطة بكل معبود غير اللّه، على طريقة المحك والجدال وحب المغالبة والمكابرة، وتوقح في ذلك فتوقر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى أجاب عنه ربه: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى} فدل به على أنّ الآية خاصة في الأصنام، على أنّ الظاهر قوله: {وَما تَعْبُدُونَ} لغير العقلاء. وقيل: لما سمعوا قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} قالوا.
نحن أهدى من النصارى، لأنهم عبدوا آدميا ونحن نعبد الملائكة، فنزلت.
وقوله: {أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ} على هذا القول: تفضيل لآلهتهم على عيسى، لأنّ المراد بهم الملائكة وما ضربوه لك إلا جدلا. معناه: وما قالوا هذا القول، يعنى: ء آلهتنا خير أم هو. إلا للجدال، وقرئ: {أآلهتنا خير}، بإثبات همزة الاستفهام وبإسقاطها، لدلالة أم العديلة عليها. وفي حرف ابن مسعود: خير أم هذا. ويجوز أن يكون جدلا حالا، أى: جدلين. وقيل: لما نزلت {إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ} قالوا: ما يريد محمد بهذا إلا أن نعبده وأنه يستأهل أن يعبد وإن كان بشرا، كما عبدت النصارى المسيح وهو بشر. ومعنى {يَصِدُّونَ} يضجون ويضجرون. والضمير في {أَمْ هُوَ} لمحمد صلى الله عليه وسلم، وغرضهم بالموازنة بينه وبين آلهتهم: السخرية به والاستهزاء.
ويجوز أن يقولوا- لما أنكر عليهم قولهم: الملائكة بنات اللّه وعبدوهم- ما قلنا بدعا من القول، ولا فعلنا نكرا من الفعل، فإنّ النصارى جعلوا المسيح ابن اللّه وعبدوه، ونحن أشف منهم قولا وفعلا، فإنا نسبنا إليه الملائكة وهم نسبوا إليه الأناسى، فقيل لهم: مذهب النصارى شرك باللّه، ومذهبكم شرك مثله، وما تنصلكم مما أنتم عليه بما أوردتموه إلا قياس باطل بباطل، وما عيسى {إِلَّا عَبْدٌ} كسائر العبيد {أَنْعَمْنا عَلَيْهِ} حيث جعلناه آية: بأن خلقناه من غير سبب، كما خلقنا آدم وشرفناه بالنبوّة وصيرناه عبرة عجيبة كالمثل السائر لبنى إسرائيل.

.[سورة الزخرف: آية 60]:

{وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (60)}.
{وَلَوْ نَشاءُ} لقدرتنا على عجائب الأمور وبدائع الفطر {لَجَعَلْنا مِنْكُمْ} لولدنا منكم يا رجال {مَلائِكَةً} يخلفونكم في الأرض كما يخلفكم أولادكم، كما ولدنا عيسى من أنثى من غير فحل، لتعرفوا تميزنا بالقدرة الباهرة، ولتعلموا أن الملائكة أجسام لا تتولد إلا من أجسام، وذات القديم متعالية عن ذلك.

.[سورة الزخرف: آية 61]:

{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)}.
{وَإِنَّهُ} وإن عيسى عليه السلام {لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} أى شرط من أشراطها تعلم به، فسمى الشرط علما لحصول العلم به. وقرأ ابن عباس: {لعلم}، وهو العلامة. وقرئ: {للعلم}. وقرأ أبىّ: {لذكر}، على تسمية ما يذكر به ذكرا، كما سمى ما يعلم به علما. وفي الحديث: «أن عيسى عليه الصلاة والسلام ينزل على ثنية بالأرض المقدّسة: يقال لها أفيق وعليه ممصرتان، وشعر رأسه دهين، وبيده حربة، وبها يقتل الدجال، فيأتى بيت المقدس والناس في صلاة الصبح والإمام يؤم بهم، فيتأخر الإمام فيقدمه عيسى ويصلى خلفه على شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ثم يقتل الخنازير ويكسر الصليب، ويخرب البيع والكنائس، ويقتل النصارى إلا من آمن به».
وعن الحسن: أن الضمير للقرآن، وأن القرآن به تعلم الساعة، لأن فيه الإعلان بها {فَلا تَمْتَرُنَّ بِها} من المرية وهي الشك {وَاتَّبِعُونِ} واتبعوا هداي وشرعي. أو رسولي. وقيل: هذا أمر لرسول اللّه أن يقوله هذا {صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ} أى هذا الذي أدعوكم إليه. أو هذا القرآن إن جعل الضمير في {وَإِنَّهُ} للقرآن.

.[سورة الزخرف: آية 62]:

{وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (62)}.
{عَدُوٌّ مُبِينٌ} قد بانت عداوته لكم: إذ أخرج أباكم من الجنة ونزع عنه لباس النور.

.[سورة الزخرف: الآيات 63- 65]:

{وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قال قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65)}.
{بِالْبَيِّناتِ} المعجزات. أو بآيات الإنجيل والشرائع البينات الواضحات {بِالْحِكْمَةِ} يعنى الإنجيل والشرائع. فإن قلت: هلا بين لهم كل الذي يختلفون فيه ولكن بعضه؟ قلت: كانوا يختلفون في الديانات وما يتعلق بالتكليف وفيما سوى ذلك مما لم يتعبدوا بمعرفته والسؤال عنه، وإنما بعث ليبين لهم ما اختلفوا فيه مما يعنيهم من أمر دينهم {الْأَحْزابُ} الفرق المتحزبة بعد عيسى وقيل: اليهود والنصارى {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} وعيد للأحزاب. فإن قلت: {مِنْ بَيْنِهِمْ} إلى من يرجع الضمير فيه؟ قلت: إلى الذين خاطبهم عيسى في قوله: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ} وهم قومه المبعوث إليهم.

.[سورة الزخرف: الآيات 66- 73]:

{هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (66) الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67) يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (73)}.
{أَنْ} تَأْتِيَهُمْ بدل من الساعة. والمعنى: هل ينظرون إلا إتيان الساعة. فإن قلت: أما أدى قوله: {بَغْتَةً} مؤدّى قوله: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} فيستغنى عنه؟ قلت: لا، لأنّ معنى قوله تعالى: {وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ}: وهم غافلون لاشتغالهم بأمور دنياهم، كقوله تعالى: {تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ} ويجوز أن تأتيهم بغتة وهم فطنون {يَوْمَئِذٍ} منصوب بعدوّ، أى: تنقطع في ذلك اليوم كل خلة بين المتخالين في غير ذات اللّه، وتنقلب عداوة ومقتا، إلا خلة المتصادقين في اللّه، فإنها الخلة الباقية المزدادة قوّة إذا رأوا ثواب التحاب في اللّه تعالى والتباغض في اللّه. وقيل {إِلَّا الْمُتَّقِينَ} إلا المجتنبين أخلاء السوء. وقيل: نزلت في أبىّ بن خلف وعقبة ابن أبى معيط يا عِبادِ حكاية لما ينادى به المتقون المتحابون في اللّه يومئذ، {والَّذِينَ آمَنُوا} منصوب المحل صفة لعبادي، لأنه منادى مضاف، أى: الذين صدّقوا بِآياتِنا {وَكانُوا مُسْلِمِينَ} مخلصين وجوههم لنا، جاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا. وقيل: إذا بعث اللّه الناس فزع كل أحد، فينادى مناد: يا عبادي فيرجوها الناس كلهم، ثم يتبعها الذين آمنوا فييأس الناس منها غير المسلمين.